السبت، 22 فبراير 2014

القاضى الذى شنق نفسه


محمود عيد حسان
الخميس ٢٥ أبريل ٢٠‎١٣‎14:44:33  مساءاً
ما حدث الأسبوع الماضى من نزول بعض الأحزاب السياسية فى مظاهرة لتحتشد من أجل تطهير القضاء المصرى كان كارثة وإستشعار بالضعف ومهانة حقيقية . إن مصر الآن جميعها فى سفسطة تاريخية عن الطهارة والتطهير من وحى كتاب فقه السنه وكأننا أصبحنا فى عداد الشعوب التى تأكل بعضها البعض وتنهب بعضها البعض وتذبح نفسها أمام العالم ... حتى أصبح لدينا الآن هوس تجارى بالدين والسياسة . ولم لا ؟ فهى التجارة الأولى فى مصر الآن والتى تحقق ثروات طائلة فى أيام معدودة !! بل وأصبح لدينا فى مصر الآن خمسين مليون ناشط سياسى ورائد ثورى . فراجت لدينا «تجارة الدين وتجارة الثورة» وأصبحت مصر ترزخ تحت وابل من البلاغات والإتهامات !!! والحقيقية إننى أتسائل عن حقيقة فساد النظام القضائى فى مصر مستغرباً هذه التظاهرات

 هل كان القضاء المصرى بمنأى عن الحياة العامة التى كنا نعيشها قبل الثورة ؟ بالطبع لا ... لقد كان القضاة يرصدون الفساد فى كافة مناحى الحياة وأركان الدولة ليل نهار .. وما كان لأحدهم أن يتفوه بكلمة واحدة وإذا إلتفت أحدهم سينتهى به الحال لا محال إلى أرشيف وزارة العدل لعدم الصلاحية ؟ فلماذا نطلب منهم اليوم بين عشية وضحاها بأن يكونوا قادة وثوريين وزعماء ثورة أو أن يصطفوا إلى جانب الثورة التى وضعت منهم وقللت من دخولهم ورواتبهم وتساوى بينهم وبين كافة المواطنين فى الحقوق والحريات ولا تجعل من الحصانة القضائية ستاراً ليختفى وراءه دنئ النفس !!! ولماذا إنتبه المصريون الآن فجأة إلى حال قضاتهم ليثوروا من أجل تطهير النظام القضائى ؟ فإذا كنا نسلم يقيناً بأن نظام مبارك قد أفسد النظام القضائى فى مصر وسمح لهم بالتداخل فى حلبة الصراع السياسى

وهذا لا يحتاج إلى دليل فتهانى الجبالى وأحمد الزند وعبد المجيد محمود شهود عيان على نموذج لا يليق بقضاء مصر .. فقد إستطاع مبارك فى عهده أن يقوم بترويض دولة القانون تحت أقدامه ... حتى بدت لنا مصر من الخارج كدولة وهى من الداخل أشبه بالملهى بكل قوانينه وأشكاله ... ومن هنا يتبين لنا أننا فى محك خطر حقيقى !!! أما بالنسبة لهذا الإحتكاك مع السلطة القضائية فالمستفيد الأول من وراءه المجرمين ليستبيحوا من خلاله أعراض وأمان وأموال المصريين .. كما أنها رسالة سلبية تطيح بقيمة العدل ودولة القانون وتصب فى مصلحة لصوص الوطن فى الوصول بمصر إلى حالة الإنهيار التام حتى تكون لهم الفرصة سانحة إلى الإفلات من الجزاء وفق منظومة العدالة الفاسدة .. وعلى هذا فإن فكرة النزول للشارع بشعارات ضد القضاء أشبه بإفلاس سياسى وإدارى وفكرى لمؤسسة الرئاسة.
فألا يستطيع أول رئيس منتخب بأن يقوم بترويض دولة القانون من جديد لصالح شعبه؟ لقد كان أردوغان يعانى من نفس الواقع حينما إستلم زمام الأمور فى تركيا وكان صبوراً وحكيماً حتى تمكن من عودة كل شئ إلى نصابة الصحيح وخاصة فيما يختص بتدخل بعض القضاة فى الحياة العامة ورفضهم لحكم أردوغان المطلق حتى وصل الحال لأحد القضاة بأن شنق نفسه لأنه لا يطيق أن يرى دولته العلمانيه يسودها حكم غير علمانى ويقودها حاكم أصولى رجعى من منظومة يمينية فى نظره .. سيادة الرئيس إذا لم تكن لديك القدرة الحقيقية فى الإمساك بزمام الأمر وأن تباشر فى الإصلاح دون الحاجة للغطاء والدعم الشعبى ودون الإعتماد على التغطية التعبوية فى مرحلة إنتقالية وثورية وعشوائية فنحن فى خطر ...!!

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق